lundi 30 mai 2011

من أسرار القرآن بقلم: د. زغلول النجار



د. زغلول النجار
من أسرار القرآن
‏(‏ سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا‏….)‏
 
بقلم: د. زغلول النجار


من الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج ما يلي‏:‏ أولا‏:‏ الإيمان بطلاقة القدرة الإلهية التي لا تحدها حدود والتي أسرت برسول الله‏-‏ صلي الله عليه وسلم‏-‏ من مكة المكرمة إلي بيت المقدس‏.

, ثم عرجت به إلي سدرة المنتهي عبر السموات السبع, ثم أعادته إلي بيت المقدس ليصلي إماما بجميع أنبياء الله تأكيدا لمقامه- صلي الله عليه وسلم- ثم رجعت به إلي بيته في مكة المكرمة ليجد فراشه لا يزال دافئا. فقد أوقف الله- تعالي- له الزمن, وطوي المكان, ولا يقدر علي ذلك إلا رب العالمين. وهنا يجدر التأكيد علي أن كلا من الزمان والمكان هو من خلق الله, وأن الله- تعالي- قادر علي إيقاف الزمن, وعلي طي المكان لمن يشاء من عباده.
ولكي ندرك ضخامة هذه المسافات أذكر: أن أبعد نجم أدركه الفلكيون في السماء الدنيا يبعد عنا مسافة تقدر بحوالي36 بليون سنة ضوئية, والسنة الضوئية تقدر بنحو(9.5 مليون مليون كم). بمعني أنه لو فرضنا جدلا أن الإنسان تمكن من صنع مركبة فضائية تتحرك بسرعة الضوء( وهذا مستحيل) فإنه سوف يحتاج إلي36 بليون سنة ليصل إلي آخر ما نري من نجوم السماء الدنيا. فما بالنا بست سموات فوق ذلك إلي سدرة المنتهي, حيث شرف المصطفي- صلي الله عليه وسلم- بالمثول بين يدي ربه, وتلقي منه الأمر بخمس صلوات في اليوم والليلة.
ثانيا: الإيمان بأن الله ذتعالي- الذي خلق كلا من المادة والطاقة, والمكان والزمان, هو فوق ذلك كله, ومنزه عن جميع صفات خلقه, وعن كل وصف لا يليق بجلاله, فلا تحده حدود أي من المكان أو الزمان, ولا حدود أي من المادة أو الطاقة, وهو- تعالي- قادر علي إفناء خلقه وعلي إعادة بعثه.
ثالثا: التأكيد علي مقام رسول الله- صلي الله عليه وسلم- عند رب العالمين, فهو أحب خلق الله إلي الله- تعالي-, ولذلك أوصله إلي مقام من السماء لم يصل إليه غيره من البشر, ووضعه علي رأس سلسلة الأنبياء والمرسلين, وهو خاتمهم أجمعين, ولذلك صلي بهم إماما في القدس الشريف تأكيدا علي مقامه عند رب العالمين, وعلي نسخ شريعته الخاتمة لجميع شرائعهم. وفي ذلك إشارة إلي من يدعون اتباع نبي من الأنبياء السابقين إلي ضرورة الإيمان بهذا النبي الخاتم, وبالقرآن الكريم الذي أوحي إليه واتباع الدين الذي جاء به, كما تبعه جميع أنبياء الله ورسله في الصلاة بالمسجد الأقصي, إعلانا بعموم رسالته التي اكتمل بها الدين, وتمت بها النعمة التي أصبحت واجبة علي الخلق أجمعين.
رابعا: الإشارة إلي ضرورة الإيمان بوحدة رسالة السماء, وبالأخوة بين الأنبياء, وبين الناس جميعا, وهي قيم إسلامية أكدتها إمامة رسول الله- صلي الله عليه وسلم- لجميع أنبياء الله ورسله في الصلاة بهم بالمسجد الأقصي وعالم اليوم المضطرب بالعديد من الفتن والمظالم, والغارق في بحار من الدماء والأشلاء, والذي يعاني من الإفساد والخراب والدمار في كل مجال, ما أحوجه إلي استعادة هذه القيم الربانية السامية من جديد!!
خامسا: التأكيد علي حرمة كل من مكة المكرمة وبيت المقدس. فعن أبي ذر- رضي الله عنه- أنه قال: سألت رسول الله- صلي الله عليه وسلم-: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال االمسجد الحرامب قلت ثم أي, قال: االمسجد الأقصيب قلت: كم كان بينهما ؟ قال: أربعون سنة ا( رواه كل من البخاري ومسلم وأحمد).. وكل من الكعبة المشرفة والمسجد الأقصي قد تم بناؤه قبل خلق الإنسان ببلايين السنين ومن هنا كانا مكانين لمن يعبد الله- تعالي- وحده( بغير شريك, ولا شبيه, ولا منازع, ولا صاحبة ولا ولد).
سادسا: التأكيد علي فضل الصلاة التي فرضت من الله- تعالي- مباشرة إلي خاتم أنبيائه ورسله- صلي الله عليه وسلم- وهي علي ذلك تعتبر معراج المسلم إذا أدي حقها بالخشوع والاطمئنان المطلوبين, حتي يستشعر لذة مناجاة الله في الصلاة, كما أصبح السعي إليها في صلاة العشاء والفجر يمثل مسري رسول الله- صلي الله عليه وسلم-, ومن هنا كانت آخر ما أوصي به رسول الله- صلي الله عليه وسلم- قبل وفاته.
سابعا: الإيمان بوقوع معجزة االإسراء والمعراجب بالجسد والروح معا, وفي حالة من اليقظة الكاملة والتأكيد علي صدق جميع المرائي التي رآها رسول الله- صلي الله عليه وسلم- طيلة هذه المعجزة.
ثامنا: الإيمان بالغيوب المطلقة التي أخبر عنها القرآن الكريم, ومنها الإيمان بالله, وملائكته, وكتبه ورسله, وبحتمية الآخرة, وما فيها من الحساب والجزاء, والجنة والنار, والميزان والصراط.
تاسعا: التأكيد علي أن الابتلاءات هي من سنن أصحاب الدعوات في كل زمان ومكان, وأنها من وسائل التطهير والتزكية للنفس الإنسانية, نري ذلك في التكريم العظيم الذي لقيه رسول الله- صلي الله عليه وسلم- في رحلة الإسراء والمعراج, والتي أكرمه الله- نعالي- بها بعد عام الحزن الذي فقد فيه كلا من زوجه أم المؤمنين السيدة خديجة- عليها رضوان الله- وعمه أبو طالب, فجاءت معجزة الإسراء والمعراج تكريما وتشريفا خاصين له- صلي الله عليه وسلم- من دون الخلائق, ليطلعه ربه- تبارك وتعالي- علي عوالم من الغيب لم يرها غيره من البشر, بما في ذلك الأنبياء والمرسلون الدين بعثهم الله- تعالي- جميعا لمبايعته علي إمامته لهم.
عاشرا: التحذير من مخاطر المفاسد السلوكية علي الإنسان, أفرادا ومجتمعات, وعلي شدة العقوبة عليها في الدنيا قبل الآخرة تحريما لها, ومنعا للوقوع فيها.
حادي عشر: التسليم بأن المعجزات هي خوارق للسنن, وبالتالي فإن العقل البشري لا يستطيع تفسيرها, وعلي كل من المسلم والمسلمة الإيمان بما جاء عن تلك المعجزات في كل من كتاب الله وسنة رسوله دون محاولة تفسيرها بإمكانات العقل البشري المحدودة.
هذه بعض الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج, وهي بالإضافة إلي كونها معجزة كونية, فإنها تبقي أعظم حدث في تاريخ البشرية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire